lundi 4 avril 2011

وشربوا – جميعا

وشربوا – جميعا – ياأبا هريرة
       عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ( والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لاعتمد بكبدي على الأرض من الجوع ، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع ، ولقد قعدت يوماً على طريقهم الذي يخرجون منه ، فمرّ أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ، ما سألته إلى ليشبعنى ، فمرّ ولم يفعل . ثم مرّ بي عمر ، فسألته عن آية في كتاب الله ، ما سألته إلا ليشبعني ، فمرّ ولم يفعل ، ثم مرّ النبي صلى الله عليه وسلم ، فتبسم حين رآني وعرف ما في نفسي وما في و جهي ) .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هر ]لقب الصحابي أبو هريرة[
أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلحق .
(يمضي الرسول إلى بيته فيتبعه أبو هريرة) ، يدخل الرسول صلى الله عليه وسلم فيستأذن له فيجد لبناً في قدح .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أين هذا اللبن ؟ ,
أهل البيت : أهداه لك فلان ، أو فلانة .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هرّ .
أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : إلحق إلى أهل الصفة فأدعهم لي ، وأهل الصفة أضياف الإسلام ، لا يأوون إلى أهل ولا مال ولا على أحد ، وكان إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئاً ، وإذا أتته هدية أرسل إليهم وأصاب منها وأشركهم . (يستاء أبو هريرة من ذلك) .
أبو هريرة ( يخاطب نفسه) : وما هذا اللبن في أهل الصفة ؟ كنت أحق أن أصيب من هذا اللبن شربة أتقوى بها ، فإذا جاء ، وأمرني (رسول الله صلى الله عليه وسلم) فكنت أنا أعطيهم . وما عسى أن يبلغني من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بد .
(يدعوهم أبو هريرة فيقبلون ويستأذنون فأذن لهم ويأخذون مجالسهم من البيت) .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا أبا هرّ .
أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : خذ فأعطهم .
(يأخذ القدح أبو هريرة ، فيعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ، ثم يعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ، حتى ينتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد روي القوم كلهم ، فيأخذ الرسول القدح فيضعه على يده وهو ينظر إلى أبي هريرة ويبتسم .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبا هرّ .
أبو هريرة : لبيك يا رسول الله .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : بقيت أنا وأنت .
أبو هريرة : صدقت يا رسول الله .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : أقعد فاشرب .
ويقعد أبو هريرة ويشرب .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : اشرب .
يشرب ثانياً أبو هريرة والرسول لا يزال يقول اشرب اشرب .
أبو هريرة : لا والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكاً .
رسول الله صلى الله عليه وسلم : فأرني .
يناوله أبو هريرة القدح ، فيحمد الله ويسمي ويشرب الفضلة .

من فوائد القصة


قال الله تعالى : {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}
1-الصحابة الذين تعودوا الجوع ، ولم يذوقوا حلاوة الرفاهية ، مكتفين بحلاوة الإيمان ، هم الذين فتحوا القلوب بالقرآن والأخلاق قبل أن يفتحوا البلاد بالسنان .
2-صدق فراسة النبي ، وذكاؤه فيما يراه في وجود أصحابه ، وتعهده أياهم : ( فتبسم حين رآني ، وعرف ما بي) .
3-تكريم الرسول صلى الله عليه وسلم للفقراء ، ودعوتهم إلى بيته ، دليل على اهتمامه بهم .
4-الرسول المربي الحكيم يربي أبا هريرة على الكـرم والإيثار وينتزع من نفسه حب الذات . ( إلحق بأهل الصفة فأدعهم لي) .
ويعلمه أن يبدأ بغيره قبل نفسه : ( خذ فاعطهم) .
5-ملاطفة الرسول صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة ساءه كثرة الشاربين مع قلة اللبن تتجلى في مناداته مراراً : ( أبا هر ـ أبا هر) .
6-الرسول صلى الله عليه وسلم كما علم الإيثار لأبي هريرة على غيره يحققه بذاته ، بل يقدم أبا هريرة على نفسه قائلاً : ( اشرب اشرب) . وما زال أبو هريرة يشرب ، حتى امتلأ لبناً ، بعد أن امتلأ قناعة وإيثاراً ، والطبيب الناجح يكرر الدواء لمريضه حتى يحصل له الشفاء بإذن الله .
7-من السنة أن يشرب المسلم قاعداً كما علم الرسول صلى الله عليه وسلم أبا هريرة (اقعد فاشرب) .
8-ومن السنة التسمية عند الشرب والحمد لله على نعم الله ، وصاحب البيت آخر القوم شراباً .

===================================
المصدر: بدائع القصص النبوي للأستاذ محمد بن جميل زينو.

samedi 26 mars 2011

الوضعية المعاصرة للخطاب الدعوي في غرب أفريقيا

إن الخطاب الدعوي من أهم القضايا التي تشغل بال المسلمين اليوم؛ لما يواجهونه من تحدّيات فكريّة وثقافيّة وماديّة، وتفحّص هذا الأمر يحتاج إلى دراسة مستفيضة لوضعية الخطاب الدعوي المعاصر للوقوف على جوانب الخلل، ومدارسة إشكالياته المعاصرة مع الذات ومع الآخر. وإن الظروف الحضارية السائدة، والمعطّيات الواقعيّة تستدعي النهوض بالخطاب الدعوي ليلحق بأدوات العصر، وليواكب مستجدّاته، فالخطاب أداة الاتصال المعرفي والحضاري ما بين أبناء الأمّة نفسها، وبينها وبين الأمم الأخرى، وهذه الأداة هي مقياس نضج الأمة ومعيار مقدرتها على ممارسة ذلك التبليغ والتواصل والحوار، وعلى إحلال نفسها المكانة اللائقة بها بين الأمم، ومن ثم نجاحها في مختلف المسائل والشؤون( ).
ولاشك أن الخطاب الدعوي المستند إلى الكتاب والسنة هو الذي كان وراء تحول المجتمع العربي من مجتمع جاهلي إلى مجتمع متحضر، قاد البشرية ردحاً من الزمن؛ لما يتميّز به الخطاب من شموليّة وواقعيّة وتكامل.

ظلّ الخطاب الدعوي القرآني فعالاً، قادراً على تعبئة الجماهير، ودفعها إلى البذل بالنفس والمال والوقت، إلى أن اختلطت المفاهيم، وتغير الفكر الإسلامي، وبدأ العدّ التنازلي للحضارة الإسلامية، فتغيّر تبعاً لذلك الخطاب الدعوي، وأصبح مطبوعاً بسمات التخلف الذي يعيشه المجتمع الإسلامي( ).

وعلى الرغم من أن لكل مجتمع  خصوصياته الاجتماعية والثقافية؛ فإنّ الثوابت التي تربط بين الأمة الإسلامية الواحدة لا تتغيّر ولا تتبدّل مهما تغير الزمان والمكان. إذن، من الطبيعي أن يتأثّر مجتمع غرب أفريقيا بما يدور حوله من التحديات والأزمات نتيجة الظروف المرحلية التي تعيشها الأمة.

إن واقع الخطاب الدعوي في غرب أفريقيا يشير إلى عدّة ملاحظات متعلقة بالمنهج والأسلوب تعيق العمل الإسلامي في المنطقة، وهي تتفاوت حسب البيئات والدول والمدن، من حيث القوة والضعف، والأسباب والمظاهر والأشخاص، لكن لا تكاد تخلو بيئة من معظمها، ومن مظاهر تلك الأزمات ما سنعرضه في النقاط الآتية:

أولا: الفهم الضيّق للإسلام:

يلاحظ على بعض الدعاة في غرب أفريقيا قصور فهمهم لرسالة الإسلام، حيث إن الإسلام عندهم يتركّز على العبادات والفرائض فحسب، دون النظر إلى شمولية الإسلام واحتوائه للمنهج الشامل والكامل للحياة بكل جوانبها، من عقيدة وعبادات ومعاملات وأخلاق وسياسة واقتصاد واجتماع وتشريع وإعلام وغير ذلك مما يمسّ حياة المسلم. إن هذه الرؤية لا تكاد تخلو من الضعف والسطحية في إدراك وفهم أبعاد رسالة الإسلام، ذلك أن شمولية الإسلام تمتدّ لما هو أبعد بكثير من هذا الفهم الجزئي، وتتسع لما هو أعمق من هذه الرؤية غير المتكاملة، فهي تعني الشمولية بكافة أبعادها، الأمر الذي يستدعي من الدعاة وهم يصوغون خطابهم الدعوي، الاستفادة من هذه الميزة العظيمة. وهذا الحصر الضيق للإسلام يعتبر تجنياً على الدعوة الإسلامية في المنطقة، "إذ لا يمكن أن تؤتي ثمارها إذا ما حوصرت في زنزانة المبادئ الأوّليّة التي تفهم بالضّرورة من قبل المسلم، وحتى غير المسلم في بعض الأحيان"( ).
وقد اتبع هذا الفهم الضيق، قصور في الخطاب الدعوي، حيث افتقد أثره وفاعليته في ملامسة نبض حياة الناس ومعالجة قضاياهم الاجتماعية منها والسياسية والاقتصادية.

ولعل الجدل الذي احتدم بين الدعاة في نيجيريا حول شرعية المشاركة السياسية للدعاة يعزز ما أشرنا إليه. فقد برز الخلاف وساد الانقسام حول القضية، فهناك من يحثّ على ضرورة اختراق مجال العمل السياسي ولا يرى بأساً فيه، بينما ترتفع أصوات أخرى ترفض الخوض في السياسة بل تناول قضاياها، بدعوى الحفاظ على كرامة الدعاة وقدسيّة العمل الدعوي( ).  يحتدم هذا الجدل في الوقت الذي يخترق رجال الدين المسيحي هذا المجال بقوة، وتبوّؤوا الصدارة في الخريطة السياسية، رغم وضوح الحقيقة أن الإسلام دين ودولة، وليس علاقة بين العبد وربه فحسب، ولا صلة له بالسياسة والحكم. كما لا يمكن أن يعالج مشكلة انعدام العناصر الفاهمة والمتفهّمة لحقائق الإسلام في تمثيل المسلمين في المناصب التي يشكون منها منذ زمن بعيد في أفريقيا؛ إلا بالمشاركة السياسية الفاعلة للدعاة( ).  فالواجب على الدعاة، ألاّ يدعوا أمور السياسة للعلمانيين وغيرهم ممن يكرهون الإسلام، أو يجهلونه، أولا يهمهم أمره، ومن الخطورة أن يترك  أمر السياسة لهؤلاء وحدهم وهم الذين بيدهم توجيه أزمة التعليم والإعلام والثقافة وسائر نواحي الحياة( ).

إن تجاهل شمولية الإسلام لدى الدعاة في غرب أفريقيا لجميع شؤون الحياة؛ أوجد نظرة سلبية تجاه بعض القضايا في حياة المسلم الأفريقي الغربي، حيث لم يتجاوز نشاط الدعاة الخطب والمواعظ الدينية في المساجد ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية( )، وفي المناسبات الاجتماعية. وهذا ليس تقليلا من نفع هذه الدوائر وخيريّتها، لكن المعطّيات الواقعية تدفع وبإلحاح للبحث عن وسائل جديدة تناسب طبيعة هذا العصر، وتتفاعل مع تطوراته ومستجداته.

دور الطّرق الصّوفية في نشر الإسلام في المنطقة3

يصعب على الباحث في تاريخ الدعوة الإسلامية في أفريقيا بعامة، وفي منطقة غرب أفريقيا بخاصة، أن يتحدث عن عوامل انتشارها دون التطرق إلى الدور المهم الذي أدته الطرق الصوفية، ذلك أن الصوفيين اتخذوا أسلوباً مغايراً لسابقيهم في الدعوة، وفي التعامل مع السكان المحلّيين، فكانوا في أغلب الحالات جنودا مجاهدين، لم ينطووا تحت لواء دولة معينة، ولا في جيش نظام معين، فانتشر الإسلام على أيديهم بالشّكل الطّواعي، حيث كان الاعتناق للإسلام يتم بواسطة تأثُّر المهتدين بحال ومكانة الصوفيين، وببساطتهم واختلاطهم بالطبقات الشعبية المختلفة، وتعايشهم بين العامّة، إضافة إلى اتّصاف شيوخها بالتقوى والورع والصلاح، كما أن أصحاب هذه الطرق كانوا يقدمون خدمات اجتماعية، وألواناً من البر والإحسان والمواساة والمؤاخاة مما جعل الأفارقة يعتنقون الإسلام ويدعون إليه.
لهذا فإن رجال الطرق الصوفية وجدوا إقبالاً كبيراً في مجتمع غرب أفريقيا، مما ساعدهم على أداء دورهم بكل حرية.

"ومما يميّز رجال الطرق الصوفية عن التجّار والدعاة أنّهم يميلون إلى الإقامة في القرى والنجوع، بينما يميل التّجار إلى الاستقرار بالمدن، وإذا كان التّجار يسعون إلى الربح المادي؛ فإن رجال الطرق الصوفيين لا يكترثون بالمال، ولا يسعون إلا لما يسدّ رمقهم ويكفيهم ذلّ السؤال. من هنا وصف المريدون بالفقراء". "وإذا كان نشاط المهاجر أو التاجر يتطلب أن يكون بالنهار؛ فإن نشاط رجال الطرق الصوفية يكون بالليل" والنهار أيضاً.
وكان نشاط رجال الطرق الصوفية ملحوظا وعميقا نظرا لتجردهم التام بالدعوة، وعليه وصفهم أحد الباحثين بالقول: "وقد قوي نفوذ رجال الطرق الصوفية حتى أصبح لكل شيخ أتباع ومريدون يطيعونه طاعة عمياء ويمتثلون لأوامره ويقدرونه حق تقديره، ويدعمونه مادياً حتى أصبح شيوخ الصوفية لهم القدرة الكافية لتوسيع دائرة نفوذهم، ولتأسيس المدارس والمساجد واستقطاب مزيد من العناصر الموالية لهم".

ومن أهم الطرق الصوفية التي أدت دوراً ريادياً في نشر الدعوة الإسلامية، القادرية: وهي أولى الطرق الصوفية التي وفدت إلى أفريقيا، أسسها عبد القادر الجيلاني في العراق خلال القرن السادس الهجري، والثاني عشر الميلادي، وامتدت في أواخر القرن الخامس عشر الميلادي إلى غرب أفريقيا على يد «الشيخ سيدي أحمد البكاي الكونتي» ، ثم انتشرت لتشمل غرب أفريقيا. والتيجانية من الطرق الصوفية التي كان لها دور بارز في نشر الإسلام، وقد تأسست في القرن الحادي عشر الهجري، الثامن عشر الميلادي على يد الشيخ أحمد بن محمد التيجاني، واستقر به المقام في المغرب حيث نشر طريقته بين أهل المغرب، وانتشرت على يد أتباعه عبر الصحراء إلى موريتانيا، ثم إلى بلاد غرب أفريقيا.
هذه صورة التي سقناها عن دور الطرق الصوفية في مجال الدعوة الإسلامية تكشف عن الخدمات الجليلة التي أداها أولئك الصوفيون للإسلام في غرب أفريقيا.

الخطاب الدّعوي في غرب أفريقيا بين السّياق التّاريخي والواقع المعاصر 2

ثالثا: شعوب غرب أفريقيا ولغاتهم:

يشير التاريخ إلى أن مجموعات الشعوب الأصلية الموجودة حاليا في غرب أفريقيا استقرت في المنطقة، في نهاية الألفية الأولى تقريبا، ويمكن تصنيفها - تاريخيا- إلى ثلاث مجموعات أصلية في النقاط الآتية:

المجموعة الأولى: شعوب منطقة سفانا الغربية(savane occidentale) وتنقسم إلى أربع مجموعات فرعية، تنتمي إلى عائلة النيجرو-كنغولية، باستثناء السنغاي وهي:
    1- مجموعة ماندي: وتقطن في أعالي النيجر والسنغال وغينيا وبوركينافاسو وسيراليون والتوغو، وتستخدم تسعاً وعشرين لغة، منها المالينكي، والبمبارا، والديولا، وتستعمل الآن في الدول الآتية: مالي، وأعالي ساحل العاج، وجزء من السنغال، وليبيريا.
    2- المجموعة الفولتية: وتقع في جنوب نهر النيجر، وهي المنطقة الممتدة من جنوب مالي إلى تخوم نيجيريا. وتستخدم اللغات الفولتية(Les langues voltaïques) في جزء كبير من بوركينا فاسو، والمنطقة الشّمالية لساحل العاج، وغانا، والتوغو، وبنين، وجزء يسير من نيجيريا، ومن أمثلة اللغات الفولتية: لغة غُورْ(gur) ومنها لغة الغُورْمَاتْسِي في بوركينا، ويبدو أن لفظ غُورْ مشتق من الغُورْمَا أو الغُورْمَاتْسِي، وتسمت هذه المجموعة بالفولتية باسم: نهر الفولتا.
    3- مجموعة غرب أطلسي: واستقرّت في السنغال الأوسط، وفي المنطقة الواقعة جنوب نهر السنغال، وتتحدث بستٍّ وأربعين لغة منها: الوُلُوفْ، والفلانية.
4- مجموعة نيلية- صحراوية: وكانت في منطقة أعالي النيجر، وأشهرها السُنغاي، وتضمّ الآن تشاد، وأفريقيا الوسطى، والسودان، وكينيا، وأوغندا، وزائير(كونغو الديمقراطية حاليا)، ومالي، والنيجر.

 المجموعة الثانية: شعوب سفانا الوسطى(savane central) وتنقسم إلى مجموعتين فرعيتين:
    1- مجموعة أفرو-آسيوية
(Afro-Asiatique): وتقع ما بين نهر النيجر وبحيرة تشاد، وهم الذين أسسوا مملكة هوسا.
2- مجموعة نيلية- صحراوية: وهي في جنوب بحيرة تشاد وشرقها، وهم الذين كوّنوا مملكة كانم.

 المجموعة الأخيرة: هي الشعوب التي تقطن في منطقة الغابات والتي تستخدم لغة النيجرو-الكنغولية، وتشمل مجموعتين:
   
1- مجموعة كُوا(kwa) في الشرق، وأشهرها: الأكان، واليُورُوبا، والإيبُو.
    2- مجموعة صغيرة: توجد في الغرب وتسمى باسم كُرو(krou) وتتحدث ثماني عشرة لغة.
ويزيد مجموع سكان غرب أفريقيا اليوم على (200) مائتي مليون نسمة

الخطاب الدّعوي في غرب أفريقيا بين السّياق التّاريخي والواقع المعاصر

أولا: الدّلالة التّاريخيّة لمصطلح غرب أفريقيا:
 
كانت غرب أفريقيا معروفة في القرون الماضية بأنّها أرض السود، أرض الذهب، أرض الرقيق، منطقة مخفية عن بقية العالم طوال قرون، كما أنها لم تكن معروفة إلا خلال لون بشرة سكانها وثرواتها المعدنية المذهلة. وقد اندفعت الدول الأوروبية نحو أفريقيا للاستحواذ على هذه الثروات الطبيعية، ولم تبق بقعة ذات اعتبار إلا وصل إليها المكتشفون الأوربيون. وقامت هذه الدول الامبريالية بوضع خطة لتقسيم القارة الأفريقية، والسيطرة الكاملة على المواقع الإستراتيجية فيها، وذلك في مؤتمر برلين المعروف، والمنعقد في سنة 1884-1885م، وتم تقسيم القارة الأفريقية على أساس نوع الإقليم الطبيعي.
    هنا برز مصطلح «غرب أفريقيا »  - لأول مرة- حيث أطلقه المستعمرون على سكان السودان الغربي في القرن التاسع عشر الميلادي.

وتمتدّ منطقة غرب أفريقيا اليوم من ساحل المحيط الأطلسي بموريتانيا والسنغال غرباً، حتى بحيرة تشاد، وجبال الكمرون في الشّرق، وهي موزعة إلى أكثر من خمس عشرة دولة بعضها دول سهلية وبعضها الآخر نصف صحراوية.

ويمكن تصنيف هذه الدول في النقاط الآتية:
1- الدول الساهلية ونصف صحراوية: موريتانيا، ومالي، والنيجر.
2-دول منطقة السافانا: السنغال، وغامبيا، وبوركينافاسو.
3- دول تحتوي على غابات كثيفة: غينيا بيساو، وسيراليون، وغينيا كوناكري، وليبيريا، وساحل العاج، وغانا، والتوغو، وبنين، ونيجيريا. كما تضمّ غرب أفريقيا جزر الرأس الأخضر.

ثانيا: المناخ والتّضاريس:

يتفاوت مناخ غرب أفريقيا بتفاوت مناطقها، لكن يمكن تقسيم المناطق المناخية الرئيسة إلى ست مناطق وهي كالآتي:
1-الإقليم الاستوائي: في جنوب نيجيريا حيث تكثر فيه الأمطار، وترتفع فيه درجة الحرارة، والغطاء النباتي فيه دائم الخضرة.
2- الإقليم المداري الرطب: ويشمل المنطقة الفسيحة بين غينيا والمناطق الغربية من ساحل العاج، حيث تهطل الأمطار بغزارة.
3- إقليم غانا- توغو الساحلي الجاف: ويتمثل في المناطق الساحلية من غانا والتوغو وبنين، ويتميّز بقلة الأمطار مقارنة بالإقليمين السابقين إلا أن درجة الرطوبة الجوّية فيه مرتفعة.
4-الإقليم المداري السوداني: ويشمل الأراضي الواقعة من الشمال إلى جنوب الإقليم من خط عرض15 شمالا، والأجزاء الشّمالية من هذا الإقليم أقل مطرا من الأجزاء الجنوبية التي تزيد كمّية الأمطار السّنوية فيها على 1000مم.
5-الإقليم شبه الجاف: يوجد هذا الإقليم في شمال الإقليم المداري السوداني، ويتميز بِقِصَر فصل الأمطار، مع قلّة كميتها السنوية حيث لا تتعدى 237مم سنويا في مدينة غاو بمالي.
6-الإقليم الصحراوي: ويقع في شمال غرب إفريقيا، حيث لا تزيد نسبة أمطاره السنوية عن200مم  توجد في غرب أفريقيا مجموعة من الهضاب، أهمها:
هضبة فوتا جالون: في غينيا، وتمثل أضخم مرتفعات غرب أفريقيا، ويبلغ ارتفاعها1515 مترا( ).
هضبة أداماوا في كامرون: ويبلغ متوسط ارتفاعها1000 إلى1500مترا، وطولها150 إلى 300 كلم.

ويتمتع غرب أفريقيا بأنهار كثيرة أهمها:
 نهر النيجر: ويصنف رابع أنهار العالم من حيث الطول وكمية الماء المندفعة، وثالث أنهار قارة أفريقيا بعد نهر النيل ونهر الكونغو، حيث يبلغ طوله 4200كلم(2)، ويجتاز أراضي غينيا ومالي والنيجر ونيجيريا. وقد أطلق عليه بعض الباحثين باسم: « نهر الأنهار».

 نهر السنغال: ويأتي في المرتبة السادسة من بين أنهار العالم، وينبع من مرتفعات فوتاجالو في غينيا في ارتفاع 850 مترا، ليصبّ في حوض طوله 350000كلم2.

 نهر فولتا: ويعد أيضاً من أهم أنهار غرب أفريقيا، توجد منابعه العليا في أراضي بوركينافاسو، وله مصدران للمياه بها، أحدهما يتمثل في نهر فولتا الأسود والذي ينبع في الغرب من بوبوديولاسو ببضع كيلو مترات، ويمثل نهر فولتا الأحمر مع نهر فولتا الأبيض المصدر الثاني لمياه فولتا.